1-وطن في القلب
في أحد شوارع نيويورك الصاخبة، كان "سامي" يسير وحيداً بين الحشود المتسارعة. منذ عشر سنوات وهو هنا، مغترب في بلاد الفرص كما يسمونها. ترك خلفه وطنه، وأسرته التي لطالما كانت مصدر قوته وصبره. رغم البعد، لم يكن سامي يوماً إلا وفياً لكل ما تركه وراءه.
كانت لياليه تمتلئ برسائل الأصدقاء القدامى، وذكريات الأحياء والشوارع التي نشأ فيها. حتى في أقسى لحظات الغربة، عندما يتسلل الشعور بالوحدة إليه وسط الزحام، كان قلبه ينبض باسم الوطن. لم يكن يوماً ينسى وعده لأهله، أنه سيظل دائماً معهم بروحه وإن بعد جسده.
في يوم من الأيام، وبينما كان في مقهى صغير على ناصية أحد الشوارع، تلقى مكالمة من صديق طفولته "أحمد"، يخبره عن زفافه القريب. كانت الدعوة تحمل في طياتها الحنين والشوق، وكأن أحمد يدعوه ليس لحضور الزفاف فقط، بل للعودة إلى الجذور، إلى حيث الانتماء الحقيقي.
قرر سامي حينها أن يعود. لم تكن عودته مجرد رحلة بين مطارين، بل كانت عودة لقلبه، لأصالته. عند وصوله إلى قريته، استقبله الأهل والأصدقاء بترحاب دافئ. ووسط زغاريد الأفراح، جلس سامي مع "أحمد" وأصدقائهم تحت شجرة الزيتون العتيقة، تلك التي لطالما كانت شاهدة على أحلامهم وأحاديثهم في الماضي.
وفي تلك اللحظة، شعر سامي أن الوطن ليس مكاناً نغادره، بل هو شعور نحتفظ به أينما ذهبنا.
2-قصة إنسان وفي لوطنه
في إحدى مدن المهجر، حيث تضج الحياة بأصوات الغرباء ويتنقل الناس بين طوابق الحلم والعمل، كان هناك إنسان يدعى "يوسف". رحل يوسف عن وطنه، سوريا، بحثًا عن فرصة عمل وحياة أفضل، تاركًا خلفه عائلته وأصدقائه.
مرت السنوات سريعًا على يوسف، لكنه لم يكن ينسى يومًا تلك الأيام الجميلة التي قضاها مع عائلته في حديقة منزله. كان يستذكر ضحكات أصدقائه وهم يلعبون كرة القدم في الأزقة الضيقة، ورائحة الطعام الذي كانت تعده والدته في أيام الجمعة. كلما استقر به المقام في بلد الغربة، كانت ذكرياته تنبض في قلبه كنبض الحياة.
كان يوسف يعمل في مطعم صغير، حيث يتفاعل مع الزبائن من مختلف الجنسيات. لكن في كل حديث كان يخطر بباله وطنه. كان يحرص على متابعة الأخبار، ويشارك قصص بلاده مع أصدقائه الجدد، محاولًا نقل جزء من ثقافته وتراثه إليهم.
في يوم من الأيام، حصل يوسف على مكالمة هاتفية من صديقه "علي"، الذي أخبره بأنهم يخططون لتنظيم تجمع للناس في المدينة لمساعدة اللاجئين السوريين. كانت تلك اللحظة بمثابة شعاع من الأمل، حيث شعر يوسف بأن صوته ما زال مسموعًا، وأنه لا يزال جزءًا من المجتمع الذي أحب.
قرر يوسف العودة إلى بلده في زيارة قصيرة. عند وصوله، استقبله الأهل والأصدقاء بالأحضان والدموع. كانت الأجواء مملوءة بالحب والحنين، وكأن السنوات التي مضت لم تكن سوى حلم.
في تلك اللحظات، أدرك يوسف أن الغربة ليست مجرد مكان، بل تجربة تعلمه قيمة الوطن، وأن الانتماء ليس فقط للمكان، بل للأشخاص الذين نحبهم ونعيش معهم. وفي كل مرة يتحدث فيها عن بلاده، كان يوسف يشعر بأنه يحمل وطنه في قلبه، مهما ابتعد عنه.
وهكذا، ظل يوسف وفيًا لوطنه، عائداً إلى ذكرياته، محملاً بالحب والأمل لكل من كان له دور في تشكيل شخصيته، وأخذ عهدًا على نفسه أن يبقى صوت وطنه في بلاد الغربة، حيث يكون الإخلاص لذكريات الماضي والأمل في المستقبل.
هل تعلم؟ نحن في منصة اسأل المنهاج نجيب على اسئلة الطلاب من جميع الدول العربية، كل ما عليك فعله هو طرح سؤالك من خلال الزر في الأعلى ويمكنك العودة الينا مرة اخرى من خلال البحث في جوجل عن "اسأل المنهاج"، لا تقم بنقل المحتوى دون ذكر المصدر جميع الحقوق محفوظة لمنصة اسال المنهاج